تونس ومصر حائط صد ضد الانهيار
صفحة 1 من اصل 1
تونس ومصر حائط صد ضد الانهيار
تونس ومصر.. حائط صد ضد الانهيار!!
عدت من مصر في زيارة استمرت ثمانية أيام, في محاولة لفهم مشهد ما بعد الثورة. وهي رحلة تعيد الروح، فالشباب المصري استعاد ذاته وحيويته وانفتح أمامه باب المستقبل، تحدثهم فتشعر بالأمل والطموح, يحدثونك فتسمع عن حزمة كبيرة من الآمال والتحديات, تصيخ السمع فتسمع الكثير من المبادرات. شيء واحد ملفت للنظر، أن معظم هذه المبادرات تنصب على موضوع التموقع السياسي فكل اثنين -على سبيل المبالغة – يفكران في إنشاء حزب! وكل فرد يفكر في الترشيح لرئاسة الجمهورية!! أقول على سبيل المبالغة وهو مشهد غير مستغرب، فقد حدثني البعض ممن تابعوا ما حدث في – لتوانيا – الصغيرة المنفكة عن الاتحاد السوفييتي أن ذات الظاهرة حدثت هناك، ولذلك فالسلوك البشري العادي قابل للتكرار وليس هذا موضوعي هنا.
الموضوع الكبير أن حالة البراءة والطهر الثوري التي تحتاجها عملية النهضة وانجاز مشروع الثورة، قابلة للتفريغ من خلال المشهد السابق . فمشروع الثورة لم يكن إسقاط حكومة، بل نهضة تونس ومصر, كانت حلم صناعة غد مشرق, الملايين من الناس خرجت من أجل هذا الحلم, هتفت وقابلت الموت بشجاعة في لحظة الحقيقة وضحت واستُشهدت. هذه الصورة الكبيرة للمشهد تعني أن الجماهير لو حُشدت في ساحة معركة كبرى قادرة على الإنجاز، وقادرة على التنظيم، وقادرة على التضحية، فأي المعارك القادمة هي الأهم؟ أي المعارك تستحق أن تحشد فيها الطاقات وهي المهدد الأكبر لمشروع الثورة؟ أي الساحات هي الأكثر جذبا للجهود بفعل وجود الأضواء فيها؟ وأيها ساحة الأطهار الثوريين رغم غياب الأضواء عنها !؟
لننظر للقائمة التالية:
الاحتشاد لتحديد رئاسة الجمهورية.
الاحتشاد لنيل أكبر الحصص في البرلمان القادم.
الاحتشاد لوقف الانهيار الاقتصادي (أطعمهم من جوع).
الاحتشاد لوقف الانهيار الأمني (آمنهم من خوف).
الاحتشاد لوقف انهيار الوحدة الوطنية (ولا تفرقوا).
كل هذه المعارك مهمة, كلها من العيار الثقيل, ولكن أيها يأتي أولا؟ أيها يمكن أن يهدم مشروع الثورة وانجازاتها لو لم يتم تداركه ؟
إن القدرة على الحشد تظهر حين يكون الموضوع كليا جامعا يستشعر الجميع أنه سامي ومقدس، فأي القضايا السابقة يتمتع بهذه الصفة ؟
ملف الاقتصاد:
نحتاج أن نفكر بصوت عال في الشأن الاقتصادي. هل هناك وسيلة لوقف الانهيار واستعادة حركة الاقتصاد مرة أخرى، وتوفير لقمة العيش لمن يعيشون على الكفاف بشكل سريع بحيث لا تجد حركة الثورة المضادة مسوغها بالقول أن الوضع السابق في حده الأدنى كان يوفر لقمة العيش. ما نوع المبادرة الشاملة الحاشدة التي يحتاجها المجتمع، ويستطيع أن يقودها الشباب لحشد الروح الوطنية، ووقف عمليات النزيف الاقتصادي وتوقف دولاب العمل؟
الملف الأمني:
للنظر قليلا في ظاهرة الانفلات الأمني, وحركة البلطجة وانتشارها, وكيف تقود الوضع العام للقول بأن الوضع السابق على قساوته كان آمن للإنسان! هل من مبادرة وطنية عظمى لإعادة الأمن للوطن عبر موجة ثورية جديدة تعيد الانتظام لحياة المجتمع وتواجه تيار الانفلات الأمني؟ من لهذا الموضوع من أصحاب الحلول وهو موضوع مهم للجميع، وهو من أهم الأمور لعودة حركة السياحة ودوران عجلة الاقتصاد. فمن سيقود المبادرة المجتمعية الثورية لحل هذا الملف أم أن كل شيء مؤجل لحين الانتخابات الرئاسية أو ما شابهها !
ملف الوحدة الوطنية:
لننظر أيضا في ملف الوحدة الوطنية وحجم الفرق المسنفرة في ترميمه، ووقف الظواهر الفردية من التأثير عليه، وإعادة تأهيل المجتمع في الريف والحواضر لرص الصفوف وجعل المجتمع بمؤسساته الأهليه حائط صد منيع لوقف انتشار ظاهرة الهياج الاجتماعي وظاهرة الغوغاء …فهل هناك من ثورة كبرى واحتشاد في هذا الملف؟
وباستثناء المشكل الطائفي الذي لم يظهر في تونس، فإن الملفين المتعلقين بتحريك عجلة الاقتصاد والملف الأمني ينطبق على تونس أيضا.
ويبقى السؤال هل ننحشر في زاوية صغيرة من المشهد وهو الملف السياسي, أم ننظر لمجمل الصورة، ونعيد انتاج ثورة بناء الجديد بعد أن نجحت ثورة هدم القديم ؟
وفي الخلاصة فإننا بحاجة إلى ثورة جديدة وفورية لا تحتمل التأجيل لحمل هذه المشاريع الثلاثة، التي ستمثل حائط الصد ضد الثورة المضادة.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى