الزجل والمواليا والموشح ببلاغته
صفحة 1 من اصل 1
الزجل والمواليا والموشح ببلاغته
الزجل والمواليا
الحمد لله الذي علا زجل الملائكة في عالم الملكوت بحمده، ونظمنا في سلك العبودية فوقف كل منا متأدباً
عند حده، أحمده حمداً يقوم وزنه بالقسط ولا يخسر الميزان، وأشكره شكراً تقوم لنا بركته بمعرفة قواعد
الإيمان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نترقى بها إلى أعلى الرتب، وأشهد أن محمداً
عبده ورسوله المنعوت بحسن الأدب، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاة نترجح بها يوم الحسرة
والندامة، وتعمنا بركتها بين يدي الحكم العدل يوم القيامة، وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد فإن الأدب جنس يصدق على أنواع عجيبة وفنون غربية، شهرتها تغني عن أن يجلى في هذا الأفق
الزاهر بدرها، أو ينفث في عقد الأقلام سحرها، ولكن نعمل هنا بقول القائل:
إذا كان مدح فالنسيب المقدم
ونسيب الشعر هو المقدم بفصاحته، والموشح ببلاغته.
ولما كان لا ينظم إلا باللفظ الصحيح المعرب، لم يصل إليه إلا من تعاطى الآلة في العلوم وتأدب ولعمري
هذا مضمار لم يحز قصبات السبق فيه غير الفحول، ولم يدرك شأوه إلا كل ضامر مهزول، ولكن في
الناس من في طبعه ذوق الأدب والنكت الأدبية، ولم يعد نفسه من فرسان العربية، منهم الشيخ برهان
الدين المعمار رحمه الله تعالى، فإنه نشأ بالديار المصرية ونكت فاستحلوا على زايد النيل زايده، ونقل عن
الشيخ جمال الدين بن نباتة أنه قال: قطعنا المعمار بمقاطيعه.
وناهيك بهذه الصلة التي هي على مثله عايدة، واغتفر له أهل عصره اللحن وعدوه له من مطرب التلحين،
فإنه أتى في نظمه بنكت تحرك العيدان وتغني عن القوانين، ولهذا عدل قبلة المغرب وهو الامام أبو بكر بن
قزمان تغمده الله تعالى برحمته ورضوانه، واخترع فناً سماه الزجل لم يسبق إليه، وجعل إعرابه لحنه،
فامتدت إليه الأيدي، وعقدت الخناصر عليه.
ولما نظم بلفظ العوام تمكن منه أديب الطبع، وكان قد حبس عنانه عن العربيات ورأى بيوته واسعة الفنا،
================
الحمد لله الذي علا زجل الملائكة في عالم الملكوت بحمده، ونظمنا في سلك العبودية فوقف كل منا متأدباً
عند حده، أحمده حمداً يقوم وزنه بالقسط ولا يخسر الميزان، وأشكره شكراً تقوم لنا بركته بمعرفة قواعد
الإيمان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نترقى بها إلى أعلى الرتب، وأشهد أن محمداً
عبده ورسوله المنعوت بحسن الأدب، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاة نترجح بها يوم الحسرة
والندامة، وتعمنا بركتها بين يدي الحكم العدل يوم القيامة، وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد فإن الأدب جنس يصدق على أنواع عجيبة وفنون غربية، شهرتها تغني عن أن يجلى في هذا الأفق
الزاهر بدرها، أو ينفث في عقد الأقلام سحرها، ولكن نعمل هنا بقول القائل:
إذا كان مدح فالنسيب المقدم
ونسيب الشعر هو المقدم بفصاحته، والموشح ببلاغته.
ولما كان لا ينظم إلا باللفظ الصحيح المعرب، لم يصل إليه إلا من تعاطى الآلة في العلوم وتأدب ولعمري
هذا مضمار لم يحز قصبات السبق فيه غير الفحول، ولم يدرك شأوه إلا كل ضامر مهزول، ولكن في
الناس من في طبعه ذوق الأدب والنكت الأدبية، ولم يعد نفسه من فرسان العربية، منهم الشيخ برهان
الدين المعمار رحمه الله تعالى، فإنه نشأ بالديار المصرية ونكت فاستحلوا على زايد النيل زايده، ونقل عن
الشيخ جمال الدين بن نباتة أنه قال: قطعنا المعمار بمقاطيعه.
وناهيك بهذه الصلة التي هي على مثله عايدة، واغتفر له أهل عصره اللحن وعدوه له من مطرب التلحين،
فإنه أتى في نظمه بنكت تحرك العيدان وتغني عن القوانين، ولهذا عدل قبلة المغرب وهو الامام أبو بكر بن
قزمان تغمده الله تعالى برحمته ورضوانه، واخترع فناً سماه الزجل لم يسبق إليه، وجعل إعرابه لحنه،
فامتدت إليه الأيدي، وعقدت الخناصر عليه.
ولما نظم بلفظ العوام تمكن منه أديب الطبع، وكان قد حبس عنانه عن العربيات ورأى بيوته واسعة الفنا،
================
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى