رأس الحكمة مخافة الله
صفحة 1 من اصل 1
رأس الحكمة مخافة الله
رأس الحكمة مخافة الله
رأس الحكمة مخافة الله
مقدمة
حمداً لك اللهم يوافي نعمك ويكافئ مزيدك، وصلاة وسلاماً
دائمين تامين على صفوة عبيدك، سيدنا وحبيبنا محمد الخائف
الوجل، المعصوم من الزلل والخلل، وعلى آله الطيبين، وأصحابه
الطاهرين،
أما بعد:
(فالقلب في سيره إلى الله عز وجل بمنزلة الطائر، فالمحبة رأسه،
والخوف والرجاء جناحاه، فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد
الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو
.( عرضة لكل صائد وكاسر)( ١
ف(الخوف من الله) من أسمى منازل الراغب في الوصول إلى
الله –تعالى- لأنه يحجبه عن الوقوع في المنهي عنه، ويدفعه إلى
الإتيان بالمأمور على وجه كامل تام.
ولأجل ذا كله اهتم العلماء وأهل السلوك بتقنين أحكامه،
ورسم معالمه، وإيضاح أحوال سالكيه، حتى يكون بينا لمن رغب
التخلق به، ورام الاتصاف بحقيقته.
وهذا الجمع لمتفرقات الكلام فيه خطوة مباركة ضمن خطوات
موصلات إلى الغاية التي يطمح إليها كل مسلم مؤمن.
تعريف الخوف
==========
عرفه ابن فارس في: (مقاييس اللغة)( ١) فقال: "الخاء والواو
والفاء أصل واحد يدل على الذعر والفزع". أ.ه.
وأما في اصطلاح أهل التربية فقد كثرت تعاريفهم له، وهذا
شيء منها:
- توقع العقوبة على مجاري الأنفاس.
- اضطراب القلب وحركة من تذكر المخوف.
.( - هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره( ٢
وقال الجرجاني– رحمه الله- : توقع حلول مكروه، أو فوات
.( محبوب( ٣
وقال الإمام الغزالي– رحمه الله- : الخوف عبارة عن تألم القلب
.( واحتراقه بسبب توقع مكروه في الاستقب
فهذه التعاريف تدور حول معنى واحد، فليس بينها تفاوت في
المعنى، وإن اختلفت ألفاظ فيها.
وحقيقة الخوف أبان عنها أبو حامد الغزالي– يرحمه الله- حيث
قال ( ١): (حال الخوف ينتظم من علم وحال وعمل، أما العلم،
فهو: العلم بالسبب المفضي إلى المكروه، فالعلم بأسباب المكروه هو
السبب الباعث المثير لإحراق القلب وتألمه، وذلك الإحراق هو
الخوف).
فالخوف من الله تعالى:
١- تارة يكون لمعرفة الله ومعرفة صفاته، وأنه لو أهلك العالمين
لم يبالِ ولم يمنعه مانع.
٢- وتارة يكون لكثرة الجناية من العبد بمقارفة المعاصي.
٣- وتارة يكون ما جميعاً.
وبحسب معرفته بعيوب نفسه، ومعرفته بجلال الله تعالى
واستغنائه، وأنه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، فتكون قوة
خوفه، فأخوف الناس لربه أعرفهم بنفسه وبربه، ولذلك قال
صلى الله عليه وسلم، وكذلك قال الله تعالى )« أنا أخوفكم لله »
وقال تعالى : ((إنما يخشى الله من عباده العلماء))
فاطر: ٢٨ ] ثم ذكر الحال والعمل وسيأتي ذلك ]إن شاء الله
لمعرفة فضل الخوف طريقان:
الأولى: الآيات والأخبار، والوارد منها خارج عن الحصر،
وناهيك دلالة على فضيلته جمع الله تعالى للخائفين الهدى والرحمة
والعلم والرضوان، وهي مجامع مقامات أهل الجنان.
فمن الآيات: قول الله تعالى (( ولمن خاف مقام ربه جنتان)) الرحمن الاّية 46
وقوله تعالى (( رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشى ربه )) البينة :8
وجاء في الحديث عن سيدنا رسول الله أنه قال (( رأس الحكمة مخافة الله ))
.((من خاف الله تعالى خافه كل شيء، ومن خاف غير الله خوفه الله من كل شي » :
والأحاديث في ذلك كثيرة، ويكفي ما ذكر – رزقنا الله حسن
الخوف منه- .
القدر المطلوب من الخوف
قال الإمام الغزالي– رحمه الله- في: (إحياء علوم الدين )( ١
اعلم أن الخوف محمود، وربما يظن أن كل ما هو خوف محمود،
فكل ما كان أقوى وأكثر كان أحمد، وهو غلط، بل الخوف سوط
الله يسوق به عباده إلى المواظبة على العلم والعمل، لينالوا ما رتبة
القرب من الله تعالى.أ.ه.
فالخوف من الله له قدر إن زاد عليه أو نقص عنه كان مضرا،
فلا إفراط فيه ولا تفريط، يقرر هذه الحقيقة ابن رجب– رحمه الله-
في: (التخويف من النار) حيث يقول ( ٢): والقدر الواجب من
الخوف ما حمل على أداء الفرائض واجتناب المحارم، فإن زاد على
ذلك بحيث صار باعثا للنفوس على التشمير في نوافل الطاعات
والانكفاف عن دقائق المكروهات، والتبسط في فضول المباحات،
كان ذلك فضلا محمودا، فإن تزايد على ذلك بأن أورث مرضا أو
موتا أو هما لازما بحيث يقطع عن السعي في اكتساب الفضائل
.( المطلوبة المحبوبة لله عز وجل يكن ذلك محموداً. أ.هــ ( ٣
فرعاية ذلك مطلب مهم جدا في تحصيل هذه العبادة الشريفة،
إذ الاعتدال مطلوب، والتوازن مرغوب.
درجات الخوف
تختلف درجات الخوف لدى الخائفين باختلاف ما لديهم من
العلم والمعرفة، فمن زاد علمه بالله تعالى وقدرته وصفاته، زاد خوفه
من الله، ودق خوفه منه سبحانه، وقس على ذلك قلة العلم.
وعلى ذلك، فالخوف ثلاثة درجات:
الدرجة الأولى: الخوف من العقوبة، وهو: خوف العباد من
حلول عقوبة الله تعالى م، وهذا الخوف مسبوق بالشعور والعلم،
(فمحال خوف الإنسان مما لا شعور له به، وله متعلقان:
أحدهما: نفس المكروه المحذور وقوعه.
الثاني:السبب والطريق المفضي إليه، فعلى قدر شعوره بإفضاء
السبب إلى المخوف، وبقدر المخوف: يكون خوفه، وما نقص من
.( شعوره بأحد هذين نقص من خوفه...)( ١
وهذا الخوف يتولد من أشياء ثلاثة مبنية على ما سبق، وهي:
الأول: تصديق الوعيد، فملاحظة العبد الوعيد بالتصديق به
والإيمان بوقوعه وحصوله على المتوعد به من المخالفين مولد فيه
الخوف من مقارفة النهي، ومخالفة الأمر.
المراجع
(إحياء علوم الدين)
« يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك »
=============
رأس الحكمة مخافة الله
مقدمة
حمداً لك اللهم يوافي نعمك ويكافئ مزيدك، وصلاة وسلاماً
دائمين تامين على صفوة عبيدك، سيدنا وحبيبنا محمد الخائف
الوجل، المعصوم من الزلل والخلل، وعلى آله الطيبين، وأصحابه
الطاهرين،
أما بعد:
(فالقلب في سيره إلى الله عز وجل بمنزلة الطائر، فالمحبة رأسه،
والخوف والرجاء جناحاه، فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد
الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو
.( عرضة لكل صائد وكاسر)( ١
ف(الخوف من الله) من أسمى منازل الراغب في الوصول إلى
الله –تعالى- لأنه يحجبه عن الوقوع في المنهي عنه، ويدفعه إلى
الإتيان بالمأمور على وجه كامل تام.
ولأجل ذا كله اهتم العلماء وأهل السلوك بتقنين أحكامه،
ورسم معالمه، وإيضاح أحوال سالكيه، حتى يكون بينا لمن رغب
التخلق به، ورام الاتصاف بحقيقته.
وهذا الجمع لمتفرقات الكلام فيه خطوة مباركة ضمن خطوات
موصلات إلى الغاية التي يطمح إليها كل مسلم مؤمن.
تعريف الخوف
==========
عرفه ابن فارس في: (مقاييس اللغة)( ١) فقال: "الخاء والواو
والفاء أصل واحد يدل على الذعر والفزع". أ.ه.
وأما في اصطلاح أهل التربية فقد كثرت تعاريفهم له، وهذا
شيء منها:
- توقع العقوبة على مجاري الأنفاس.
- اضطراب القلب وحركة من تذكر المخوف.
.( - هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره( ٢
وقال الجرجاني– رحمه الله- : توقع حلول مكروه، أو فوات
.( محبوب( ٣
وقال الإمام الغزالي– رحمه الله- : الخوف عبارة عن تألم القلب
.( واحتراقه بسبب توقع مكروه في الاستقب
فهذه التعاريف تدور حول معنى واحد، فليس بينها تفاوت في
المعنى، وإن اختلفت ألفاظ فيها.
وحقيقة الخوف أبان عنها أبو حامد الغزالي– يرحمه الله- حيث
قال ( ١): (حال الخوف ينتظم من علم وحال وعمل، أما العلم،
فهو: العلم بالسبب المفضي إلى المكروه، فالعلم بأسباب المكروه هو
السبب الباعث المثير لإحراق القلب وتألمه، وذلك الإحراق هو
الخوف).
فالخوف من الله تعالى:
١- تارة يكون لمعرفة الله ومعرفة صفاته، وأنه لو أهلك العالمين
لم يبالِ ولم يمنعه مانع.
٢- وتارة يكون لكثرة الجناية من العبد بمقارفة المعاصي.
٣- وتارة يكون ما جميعاً.
وبحسب معرفته بعيوب نفسه، ومعرفته بجلال الله تعالى
واستغنائه، وأنه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، فتكون قوة
خوفه، فأخوف الناس لربه أعرفهم بنفسه وبربه، ولذلك قال
صلى الله عليه وسلم، وكذلك قال الله تعالى )« أنا أخوفكم لله »
وقال تعالى : ((إنما يخشى الله من عباده العلماء))
فاطر: ٢٨ ] ثم ذكر الحال والعمل وسيأتي ذلك ]إن شاء الله
لمعرفة فضل الخوف طريقان:
الأولى: الآيات والأخبار، والوارد منها خارج عن الحصر،
وناهيك دلالة على فضيلته جمع الله تعالى للخائفين الهدى والرحمة
والعلم والرضوان، وهي مجامع مقامات أهل الجنان.
فمن الآيات: قول الله تعالى (( ولمن خاف مقام ربه جنتان)) الرحمن الاّية 46
وقوله تعالى (( رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشى ربه )) البينة :8
وجاء في الحديث عن سيدنا رسول الله أنه قال (( رأس الحكمة مخافة الله ))
.((من خاف الله تعالى خافه كل شيء، ومن خاف غير الله خوفه الله من كل شي » :
والأحاديث في ذلك كثيرة، ويكفي ما ذكر – رزقنا الله حسن
الخوف منه- .
القدر المطلوب من الخوف
قال الإمام الغزالي– رحمه الله- في: (إحياء علوم الدين )( ١
اعلم أن الخوف محمود، وربما يظن أن كل ما هو خوف محمود،
فكل ما كان أقوى وأكثر كان أحمد، وهو غلط، بل الخوف سوط
الله يسوق به عباده إلى المواظبة على العلم والعمل، لينالوا ما رتبة
القرب من الله تعالى.أ.ه.
فالخوف من الله له قدر إن زاد عليه أو نقص عنه كان مضرا،
فلا إفراط فيه ولا تفريط، يقرر هذه الحقيقة ابن رجب– رحمه الله-
في: (التخويف من النار) حيث يقول ( ٢): والقدر الواجب من
الخوف ما حمل على أداء الفرائض واجتناب المحارم، فإن زاد على
ذلك بحيث صار باعثا للنفوس على التشمير في نوافل الطاعات
والانكفاف عن دقائق المكروهات، والتبسط في فضول المباحات،
كان ذلك فضلا محمودا، فإن تزايد على ذلك بأن أورث مرضا أو
موتا أو هما لازما بحيث يقطع عن السعي في اكتساب الفضائل
.( المطلوبة المحبوبة لله عز وجل يكن ذلك محموداً. أ.هــ ( ٣
فرعاية ذلك مطلب مهم جدا في تحصيل هذه العبادة الشريفة،
إذ الاعتدال مطلوب، والتوازن مرغوب.
درجات الخوف
تختلف درجات الخوف لدى الخائفين باختلاف ما لديهم من
العلم والمعرفة، فمن زاد علمه بالله تعالى وقدرته وصفاته، زاد خوفه
من الله، ودق خوفه منه سبحانه، وقس على ذلك قلة العلم.
وعلى ذلك، فالخوف ثلاثة درجات:
الدرجة الأولى: الخوف من العقوبة، وهو: خوف العباد من
حلول عقوبة الله تعالى م، وهذا الخوف مسبوق بالشعور والعلم،
(فمحال خوف الإنسان مما لا شعور له به، وله متعلقان:
أحدهما: نفس المكروه المحذور وقوعه.
الثاني:السبب والطريق المفضي إليه، فعلى قدر شعوره بإفضاء
السبب إلى المخوف، وبقدر المخوف: يكون خوفه، وما نقص من
.( شعوره بأحد هذين نقص من خوفه...)( ١
وهذا الخوف يتولد من أشياء ثلاثة مبنية على ما سبق، وهي:
الأول: تصديق الوعيد، فملاحظة العبد الوعيد بالتصديق به
والإيمان بوقوعه وحصوله على المتوعد به من المخالفين مولد فيه
الخوف من مقارفة النهي، ومخالفة الأمر.
المراجع
(إحياء علوم الدين)
« يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك »
=============
مواضيع مماثلة
» الحكمة من حلق النقباء رؤوسهم
» أنت لا تدري يا بني كيف يدار هذا العالم، بالقليل القليل من الحكمة
» حب آل البيت فرض من الله
» الأستغفار والوقار وخشية الله
» أسماء الله الحسنى وصفاته
» أنت لا تدري يا بني كيف يدار هذا العالم، بالقليل القليل من الحكمة
» حب آل البيت فرض من الله
» الأستغفار والوقار وخشية الله
» أسماء الله الحسنى وصفاته
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى