منتدى القاضى - الأسرة والمجتمع العربى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المفتون من التابعين وتابعيهم

اذهب الى الأسفل

نقاش المفتون من التابعين وتابعيهم

مُساهمة من طرف واحد من الناس الثلاثاء نوفمبر 27, 2012 6:45 pm

المفتون من التابعين وتابعيهم




جاء من التابعين جماعة تفقَّهوا في الدِّين، وأتقنوا روايةَ الحديث وحفظه، وتتبَّعوا سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأحكامه وفتاويه, فنهضوا بهذه المهمة الجليلة.

ويذكر ابن القيم أن الدِّين والعلم انتشر في الأمة عن أصحاب ابن مسعود، وأصحاب زيد بن ثابت، وأصحاب عبد الله بن عمر، وأصحاب عبد الله بن عباس، فَعَلِمَ الناس عامَّته عن أصحاب هؤلاء الأربعة: فأما أهل المدينة فعِلْمهم عن أصحاب زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر، وأما أهل مكة فعِلْمهم عن أصحاب عبد الله بن عباس، وأما أهل العراق فعِلْمهم عن أصحاب عبد الله بن مسعود
وكان في كلِ مِصْرٍ جماعةٌ اشتهروا بالفقه واستنباط الأحكام، كان يستعين بهم القاضي ويستفتيهم إذا أشكل عليه أمر، وأهم ما كان يدعوهم إلى ذلك أن سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم تكن مجموعةً في كتاب، بل كانت في صدور الناس يحفظ منها أحدهم جزءًا والثاني جزءًا، وقد لا يحفظ أحدهم ما يحفظه الآخر، فربما عرضت للقاضي مسألةٌ فلا يرى فيها نصًّا، ويكون النص -وهو الحديث- عند غيره، وبذلك كانوا يسألون: هل عندكم شيء في هذا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

ولم يجمعوا الفتاوى ولا الأقضية في كتاب خاص يَرجع إليه مَنْ بعدهم، وكان ما ذكرناه من أمر السنة سببًا كبيرًا من أسباب اختلافهم في الفتاوى والأقضية.

ويذكر المرحوم الشيخ محمد الخضري أنه ليس ثمة دليلٌ على وجود سجلات يضبط فيها ما يصدر من أحكام، ولا أن صور الأحكام كانت تُعطى للمحكوم له؛ لأن ذلك لم يكن ما يدعو إليه ما دام التنفيذ في يد القاضي، فهو الذي يقضي، وهو الذي ينفذ الحكم، ويظهر لنا مما قرأنا من أخبارهم أنهم قلما كانوا يحتاجون إلى التنفيذ؛ لأن من حُكم عليه كان يبادر بتنفيذ ما قضي عليه به من الحقوق، فكان المتنازعون أقربَ إلى كونهم مستفتين

ثم جاء الأئمة الأربعة: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، الذين أصَّلوا الفقه الإسلامي، ودوَّنوه، ووضعوا قواعدَه، وتصدوا لإفتاء المسلمين، ثم كان تلاميذهم وأتباع مدارسهم الفقهية يجلسون للتدريس والتأليف والفتوى على قاعدة مذهبهم، ويجيبون على كل سائل، وبذلك كانت مهمة الإفتاء في معظم البلاد الإسلامية طوال القرون الستة الأولى من تاريخ الإسلام مهمةً دينيةً, يقوم بها الفقهاءُ حِسبةً لله تعالى، بدون أن يتعاطوا على ذلك أجرًا، فهي -كما تقدَّم- واجبٌ شرعيٌّ على كل فقيه يُحسنه, وأُذن له فيه.

غير أن ثمة حالات في بعض الولايات الإسلامية لمفتين تخصصوا في الإفتاء وتفرغوا له، وكُلفوا من قبل الحكام بالفتوى مقابل مرتبات ثابتة لهم، وقد شهدت مصر تعيين بعض المفتين من قبل ولاة مصر، غير أن ذلك لم يكن سنةً متبعةً، ولا عادةً مستمرةً، بل كانت ترجع إلى الولاة أنفسهم، حيث نجد بعضهم يخصص فقهاءَ بعينهم للفتوى، ثم نجد واليًا آخر لا يهتم بتعيين مفتين، ويترك الأمر بين الفقهاء



-------------------------------

([1]) ابن قيم الجوزية: إعلام المُوَقِّعين عن رب العالمين (1/ 25).
([2]) الشيخ محمد الخضري: محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية (الدولة الأموية)،
تحقيق إبراهيم أمين محمد، المكتبة التوفيقية، القاهرة، د.ت، ص: 387

========================================
واحد من الناس
واحد من الناس
كبار الزوار

بيانات العضو
تاريخ التسجيل : 11/01/2011
الجنسية : مصرى
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 2901

https://alkady.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى