هل يخطط الآباء لتوريث مهنهم إلى أبنائهم؟
صفحة 1 من اصل 1
هل يخطط الآباء لتوريث مهنهم إلى أبنائهم؟
هل يخطط الآباء لتوريث مهنهم إلى أبنائهم؟
لا يخفى على أحد، أن المهن كانت قديماً تورث كبقية الأشياء، حيث كان الحداد، والنجار، والحلاق وغيرهم، يسعون بقوة ليمتهن أبناؤهم مهنهم، بنية الحفاظ عليها من خلال الوراثة، التي تسهم في نقلها من الآباء إلى الأبناء ومن ثم إلى الأحفاد، وتضمن عدم انقراضها. لكن الأمور انقلبت في أيامنا، حيث بتنا نشهد عزوفاً من قبل كثير من الأبناء عن التخصص في مهن آبائهم، ذلك أن التوجه العام في العالم العربي الآن يتجه نحو الدراسة الجامعية، والحصول على الشهادات العليا، وترك مهن الآباء والأجداد. ومع تطور العصر، ولدت مهن جديدة كالهندسة والطب والتجارة، والمحاماة، والفنون، وابتعد الأبناء عن بعض مهن الآباء القديمة التي لا تتناسب مع ميولهم، ولا تتوافق مع متطلبات العصر، إلا أن البعض مازالوا يؤثرون التخصص في المهن نفسها التي امتهنها أهاليهم، في حين أن بعضهم يجدون أنفسهم في صميمها من دون أي تخطيط مسبق. فماذا يقول الأهل الذين أورثوا والأبناء الذين ورثوا في هذا المجال؟ حرية الاختيار ما الفائدة التي تعود على الأبناء من توريث المهنة؟ يقول المهندس الاستشاري، جمال أحمد: «إن توريث المهنة، له جانب إيجابي وآخر سلبي»، لافتاً إلى أن «الخريج الجديد يكون محدود الخبرة، فيرتكز على خبرة والده في التعامل مع المشكلات المهنية التي تواجهه». ويضيف: «حاولت أن يعتمد ولداي المهندسان على نفسيهما، فهما ينتميان إلى جيل محظوظ، توافرت له كل الإمكانات والتقنيات الحديثة، وكذلك سهولة الحصول على المعلومات، في حين كنا نحن نحفر في الصخر، ونبذل مجهوداً كبيراً حتى نحصل على معلومة تهم عملنا». ويتابع: «كنت أتمنى أن يدرس أبنائي الهندسة المعمارية، ولم أتضايق عندما اختارا هندسة الكمبيوتر. لكن، تبدد حلمي في أن نصبح مجموعة استشاريين في مجال واحد». ويشير إلى أن «تفكيرهما وميولهما ورغباتهما، تختلف عن ميولي، ولذلك تركت لهما حرية الاختيار كي ينجحا في الحياة». ويختم قائلاً: «الأب يتمنى أن يكون ابنه أفضل منه، وهذا وضع طبيعي، وأنا أشعر بالسعادة في داخلي كلما رأيت نجاح أبنائي وتفوقهم في عملهم». هاجس التوريث استناداً إلى ما تقدم، هل يخطط الآباء لتوريث مهنهم إلى أبنائهم، أم أنهم يكتفون بالمتابعة وتوجيه النصح؟ «يظل رجل الأعمال متخوفاً من عدم توريث ابنه مهنة التجارة، ليصبح امتداداً له، محافظاً على اسمه وعلى شركاته من الضياع». هذا ما تقوله سيدة الأعمال، خالدة ميرزا، التي تشجع أولادها على العمل الحر وتدربهم على التعامل مع الناس. وتشير ميرزا في هذا السياق إلى أن «التجارة حرفة، ولها مقومات للنجاح. ويظل عند رجل الأعمال هاجس توريث أبنائه العمل الحر، وتعليمهم أصول التجارة ومساعدتهم على معرفة خباياها، وتدريبهم على كسب ثقة العملاء من خلال الصدق والأمانة والإخلاص في العمل». وتقول: «لقد أحب أولادي العمل الحر من خلالي، فقد عملت في تجارة العقارات وبيع الأراضي منذ فترة طويلة. وعلمت أبنائي الثلاثة أساسيات العمل التجاري، ثم تركت لهم حرية اختيار مجال العمل التجاري. فاتجه ابني بدر إلى تجارة المجوهرات، واختارت ابنتي ليلى مجال الملابس، في حين اختارت نورا مشروعا لإنتاج وبيع الحلوى». وتضيف: «لقد علمتهم الصبر والتروي، وقبول المكسب والخسارة، وفن الترويج، والحذر، والتعلم من الأخطاء. وأن هناك بين الناس المخادعين والكذابين. هذا ما علمتني إياه الحياة من خلال احتكاكي بالبشر». وتؤكد ميرزا أن «عملي بالتجارة سهل على أولادي الوصول إلى تجار الجملة والتجزئة». وتختم بالإشارة إلى أنها تعتبر «أني وأبنائي مكملون لبعضنا بعضاً». متعة كبيرة في المقابل، كيف ينظر الابن إلى تجربة والده؟ تختلف تجربة المستشار القانوني أحمد في عمله في مهنة والده المحامي. وهو يقول في هذا السياق: «أشعر بمتعة كبيرة عندما أتناقش مع والدي في المواد القانونية، وفي القضايا التي أعمل فيها». ويضيف: «أتحدث معه بحرية، ذلك أني واثق بأنه لن يصادر رأيي حتى ولو كنا شركاء في العمل. فهو ينقل لي المعلومة بمنتهى الحرص والكمال». ويقول: «لقد استفدت من خبرته وممارسته الكبيرة للمحاماة. وأنا ألجأ إلى مشورته في بعض الأمور، إنما يظل القرار النهائي لي». ويتابع: «الابن امتداد لوالده، وتظل العلاقة بينهما فيها احترام وتقدير». ويقول «إن توريث المهنة لا يعني أن يدخل الابن مجال عمل لا يحبه إرضاء لوالده، فهذا ما ينتهي غالباً بكارثة. ولكن توريث المهنة معناه أن يدخل الابن المجال الذي يريد، حباً في المهنة ورغبة في السير على نهج والده الذي رأى فيه نموذجاً ناجحاً، فيبدأ الابن من حيث انتهى والده ويصبح مبدعاً في عمله». بمحض إرادته أما والده، محمد الذي يعمل أيضاً مستشاراً قانونياً في دبي، فيؤكد أن دخول ابنه المجال القانوني «كان بمحض إرادته، لأنه يرى في رجال القانون مثله الأعلى». ويقول: «لقد كان أحمد يتمنى أن يكون أحد الجالسين على منصة القضاة، لكن الظروف لم تساعده». ويضيف: «صحيح أني درّسته جميع مواد القانون المدني والجنائي. لكن لم يحدث أن ترافعنا معاً في قضية واحدة، ربما لأن الابن يستحي من خبرة والده، ولا يبدع في مرافعته أمامي خوفاً من التعليق على تقصيره». ويؤكد أن «لكل منا آراءه وأفكاره ونظرته الخاصة إلى القضية». ويقول: «يكتب ابني المذكرة القانونية ويعرضها عليّ لتعديل بعض النقاط. ثم يعطي آراءه، وبحثه في المواد القانونية التي تنطبق على النزاع الذي أمامه لتوصيله إلى القاضي بأسهل الطرق». ويضيف بفخر: «لقد تفوق ابني أحمد عليّ في الدراسة بحصوله على الدراسات العليا، وهو لا يعطيني فرصة لانتقاده»، مؤكداً أن «كل أب مهما كان شأنه، يتمنى أن يكون ابنه أفضل وأعلم منه، ليراه في مكانة رفيعة، لأنه يشكل امتداداً له في الحياة الدنيا». الشعور بالأمان «تبقى الحرفية على رأس قائمة أولويات التوريث»، بحسب ما يقول المهندس أحمد عبدالمعز. ويضيف: «لقد كنت منبهراً بشخصية والدي وأعماله الهندسية. ولطالما تمنيت أن أمتلك هذه القدرة على الإبداع والكفاءة في تصميم الأشياء، وأن أعمل في مجاله». ويتابع: «هكذا، كان أن التحقت بكلية الفنون التطبيقية قسم التصميم الداخلي، التي تخرج فيها والدي». ويقول: «كان الوالد يشجعني ويساعدني على أن أستفيد من خبرته في الأعمال الخشبية والديكور، وكان مسانداً لي في مشروعاتي. ونتيجة ذلك، أصبح بيننا حوار فكري وتواصل، وبت لا أشعر بالقلق الذي كان يعتري زملائي عند تقديم مشروع للكلية لأن والدي يشرف على تنفيذه». ويختم قائلاً: «اعتمدت على نفسي وعملت في مصنع للأخشاب بعيداً عن والدي حتى أثبت له نجاحي، فلكل منا ذوقه الخاص ورؤيته». أنانية مفيدة يعتبر الطبيب النفسي علي الحرجان أن «توريث المهنة من جيل إلى جيل شيء مفيد»، لافتاً إلى أن «كل المهن تحتاج إلى قدرات إما ذهنية أو جسدية». ويقول: «على سبيل المثال، لا يستطيع لاعب كرة القدم أن يورث ابنه اللعبة، إذا كان جسده غير مؤهل لأن يكون لاعباً». ويضيف: «يمكن للابن أن يقتبس خبرات، ومعلومات وفيرة عن المهنة من خلال المعايشة، والاحتكاك اليومي بالأب. الطبيب، والمهندس، والتاجر، ورجل الأعمال، حيث يتحدث الأب مع الابن عن فنون المهنة وخصائصها وأسرارها. وبمرور الوقت، يحصل على معلومات وفيرة، وينجح، لأن الأب مصدر كبير ومخلص للمعلومات حول المهنة». ويشير د. الحرجان إلى أن «كثيراً من الآباء يورثون المهنة لأولادهم بالإجبار، والإكراه، فيفشلون ويعانون الإحباط، وتحدث المشاكل، ومنهم من يقدمون لأبنائهم خلاصة تجاربهم لمساندتهم ومساعدتهم على النجاح في حياتهم». ويقول: «تأتي أنانية الأب في توريث المهنة كي يظل اسمه مستمراً طوال العمر، فيضغط على ابنه بدخول المجال لرفع لواء المهنة». ويلفت إلى أن «الانبهار بنجاح الوالدين، يكشف المهنة التي يحبها الأبناء، كما أن ما يعكسه الأب عن صورة هذه المهنة، سواء أكان سلباً أم إيجاباً، يسهم في بلورة نظرة الابن تجاهها، فهو سيحب المهنة أو يكرهها على ضوء ما يسمعه من تقدير لها أو رفض». من ناحية أخرى، بين الدكتور الحرجان أن «دراسات نفسية عدة أكدت أن الارتباط العاطفي بالأم، أو الأب، يدفع الأبناء إلى حب مهنهما والتحلي بسلوكهما وممارستهما للحياة». وحول المنافسة بين الآباء والأبناء يؤكد الحرجان أن «المهنة تتطور مع تغير الزمن، وتحتاج إلى إبداع وفكر، وإلى نوع من المجازفة، إلا أن الجيل القديم هو عبارة عن شخصيات كلاسيكية محافظة، لها قيم وسلوكيات مهنية محددة، ومن الصعب عليها أن تتقبل النهج الجديد، أو التغيير في نمط المهنة. وبالتالي ينشأ صراع، وخلاف بين الجيلين، يتخلله شد وجذب واختلاف في وجهات النظر. في حين أثبتت الدراسات أن المهن التي تنتقل من الأب إلى الابن تكون ناجحة بكل المقاييس، لأن الجيل الجديد يمتلك الكفاءة، والقدرة على إدارة تطوير المهنة نحو الأفضل».
==============================
لا يخفى على أحد، أن المهن كانت قديماً تورث كبقية الأشياء، حيث كان الحداد، والنجار، والحلاق وغيرهم، يسعون بقوة ليمتهن أبناؤهم مهنهم، بنية الحفاظ عليها من خلال الوراثة، التي تسهم في نقلها من الآباء إلى الأبناء ومن ثم إلى الأحفاد، وتضمن عدم انقراضها. لكن الأمور انقلبت في أيامنا، حيث بتنا نشهد عزوفاً من قبل كثير من الأبناء عن التخصص في مهن آبائهم، ذلك أن التوجه العام في العالم العربي الآن يتجه نحو الدراسة الجامعية، والحصول على الشهادات العليا، وترك مهن الآباء والأجداد. ومع تطور العصر، ولدت مهن جديدة كالهندسة والطب والتجارة، والمحاماة، والفنون، وابتعد الأبناء عن بعض مهن الآباء القديمة التي لا تتناسب مع ميولهم، ولا تتوافق مع متطلبات العصر، إلا أن البعض مازالوا يؤثرون التخصص في المهن نفسها التي امتهنها أهاليهم، في حين أن بعضهم يجدون أنفسهم في صميمها من دون أي تخطيط مسبق. فماذا يقول الأهل الذين أورثوا والأبناء الذين ورثوا في هذا المجال؟ حرية الاختيار ما الفائدة التي تعود على الأبناء من توريث المهنة؟ يقول المهندس الاستشاري، جمال أحمد: «إن توريث المهنة، له جانب إيجابي وآخر سلبي»، لافتاً إلى أن «الخريج الجديد يكون محدود الخبرة، فيرتكز على خبرة والده في التعامل مع المشكلات المهنية التي تواجهه». ويضيف: «حاولت أن يعتمد ولداي المهندسان على نفسيهما، فهما ينتميان إلى جيل محظوظ، توافرت له كل الإمكانات والتقنيات الحديثة، وكذلك سهولة الحصول على المعلومات، في حين كنا نحن نحفر في الصخر، ونبذل مجهوداً كبيراً حتى نحصل على معلومة تهم عملنا». ويتابع: «كنت أتمنى أن يدرس أبنائي الهندسة المعمارية، ولم أتضايق عندما اختارا هندسة الكمبيوتر. لكن، تبدد حلمي في أن نصبح مجموعة استشاريين في مجال واحد». ويشير إلى أن «تفكيرهما وميولهما ورغباتهما، تختلف عن ميولي، ولذلك تركت لهما حرية الاختيار كي ينجحا في الحياة». ويختم قائلاً: «الأب يتمنى أن يكون ابنه أفضل منه، وهذا وضع طبيعي، وأنا أشعر بالسعادة في داخلي كلما رأيت نجاح أبنائي وتفوقهم في عملهم». هاجس التوريث استناداً إلى ما تقدم، هل يخطط الآباء لتوريث مهنهم إلى أبنائهم، أم أنهم يكتفون بالمتابعة وتوجيه النصح؟ «يظل رجل الأعمال متخوفاً من عدم توريث ابنه مهنة التجارة، ليصبح امتداداً له، محافظاً على اسمه وعلى شركاته من الضياع». هذا ما تقوله سيدة الأعمال، خالدة ميرزا، التي تشجع أولادها على العمل الحر وتدربهم على التعامل مع الناس. وتشير ميرزا في هذا السياق إلى أن «التجارة حرفة، ولها مقومات للنجاح. ويظل عند رجل الأعمال هاجس توريث أبنائه العمل الحر، وتعليمهم أصول التجارة ومساعدتهم على معرفة خباياها، وتدريبهم على كسب ثقة العملاء من خلال الصدق والأمانة والإخلاص في العمل». وتقول: «لقد أحب أولادي العمل الحر من خلالي، فقد عملت في تجارة العقارات وبيع الأراضي منذ فترة طويلة. وعلمت أبنائي الثلاثة أساسيات العمل التجاري، ثم تركت لهم حرية اختيار مجال العمل التجاري. فاتجه ابني بدر إلى تجارة المجوهرات، واختارت ابنتي ليلى مجال الملابس، في حين اختارت نورا مشروعا لإنتاج وبيع الحلوى». وتضيف: «لقد علمتهم الصبر والتروي، وقبول المكسب والخسارة، وفن الترويج، والحذر، والتعلم من الأخطاء. وأن هناك بين الناس المخادعين والكذابين. هذا ما علمتني إياه الحياة من خلال احتكاكي بالبشر». وتؤكد ميرزا أن «عملي بالتجارة سهل على أولادي الوصول إلى تجار الجملة والتجزئة». وتختم بالإشارة إلى أنها تعتبر «أني وأبنائي مكملون لبعضنا بعضاً». متعة كبيرة في المقابل، كيف ينظر الابن إلى تجربة والده؟ تختلف تجربة المستشار القانوني أحمد في عمله في مهنة والده المحامي. وهو يقول في هذا السياق: «أشعر بمتعة كبيرة عندما أتناقش مع والدي في المواد القانونية، وفي القضايا التي أعمل فيها». ويضيف: «أتحدث معه بحرية، ذلك أني واثق بأنه لن يصادر رأيي حتى ولو كنا شركاء في العمل. فهو ينقل لي المعلومة بمنتهى الحرص والكمال». ويقول: «لقد استفدت من خبرته وممارسته الكبيرة للمحاماة. وأنا ألجأ إلى مشورته في بعض الأمور، إنما يظل القرار النهائي لي». ويتابع: «الابن امتداد لوالده، وتظل العلاقة بينهما فيها احترام وتقدير». ويقول «إن توريث المهنة لا يعني أن يدخل الابن مجال عمل لا يحبه إرضاء لوالده، فهذا ما ينتهي غالباً بكارثة. ولكن توريث المهنة معناه أن يدخل الابن المجال الذي يريد، حباً في المهنة ورغبة في السير على نهج والده الذي رأى فيه نموذجاً ناجحاً، فيبدأ الابن من حيث انتهى والده ويصبح مبدعاً في عمله». بمحض إرادته أما والده، محمد الذي يعمل أيضاً مستشاراً قانونياً في دبي، فيؤكد أن دخول ابنه المجال القانوني «كان بمحض إرادته، لأنه يرى في رجال القانون مثله الأعلى». ويقول: «لقد كان أحمد يتمنى أن يكون أحد الجالسين على منصة القضاة، لكن الظروف لم تساعده». ويضيف: «صحيح أني درّسته جميع مواد القانون المدني والجنائي. لكن لم يحدث أن ترافعنا معاً في قضية واحدة، ربما لأن الابن يستحي من خبرة والده، ولا يبدع في مرافعته أمامي خوفاً من التعليق على تقصيره». ويؤكد أن «لكل منا آراءه وأفكاره ونظرته الخاصة إلى القضية». ويقول: «يكتب ابني المذكرة القانونية ويعرضها عليّ لتعديل بعض النقاط. ثم يعطي آراءه، وبحثه في المواد القانونية التي تنطبق على النزاع الذي أمامه لتوصيله إلى القاضي بأسهل الطرق». ويضيف بفخر: «لقد تفوق ابني أحمد عليّ في الدراسة بحصوله على الدراسات العليا، وهو لا يعطيني فرصة لانتقاده»، مؤكداً أن «كل أب مهما كان شأنه، يتمنى أن يكون ابنه أفضل وأعلم منه، ليراه في مكانة رفيعة، لأنه يشكل امتداداً له في الحياة الدنيا». الشعور بالأمان «تبقى الحرفية على رأس قائمة أولويات التوريث»، بحسب ما يقول المهندس أحمد عبدالمعز. ويضيف: «لقد كنت منبهراً بشخصية والدي وأعماله الهندسية. ولطالما تمنيت أن أمتلك هذه القدرة على الإبداع والكفاءة في تصميم الأشياء، وأن أعمل في مجاله». ويتابع: «هكذا، كان أن التحقت بكلية الفنون التطبيقية قسم التصميم الداخلي، التي تخرج فيها والدي». ويقول: «كان الوالد يشجعني ويساعدني على أن أستفيد من خبرته في الأعمال الخشبية والديكور، وكان مسانداً لي في مشروعاتي. ونتيجة ذلك، أصبح بيننا حوار فكري وتواصل، وبت لا أشعر بالقلق الذي كان يعتري زملائي عند تقديم مشروع للكلية لأن والدي يشرف على تنفيذه». ويختم قائلاً: «اعتمدت على نفسي وعملت في مصنع للأخشاب بعيداً عن والدي حتى أثبت له نجاحي، فلكل منا ذوقه الخاص ورؤيته». أنانية مفيدة يعتبر الطبيب النفسي علي الحرجان أن «توريث المهنة من جيل إلى جيل شيء مفيد»، لافتاً إلى أن «كل المهن تحتاج إلى قدرات إما ذهنية أو جسدية». ويقول: «على سبيل المثال، لا يستطيع لاعب كرة القدم أن يورث ابنه اللعبة، إذا كان جسده غير مؤهل لأن يكون لاعباً». ويضيف: «يمكن للابن أن يقتبس خبرات، ومعلومات وفيرة عن المهنة من خلال المعايشة، والاحتكاك اليومي بالأب. الطبيب، والمهندس، والتاجر، ورجل الأعمال، حيث يتحدث الأب مع الابن عن فنون المهنة وخصائصها وأسرارها. وبمرور الوقت، يحصل على معلومات وفيرة، وينجح، لأن الأب مصدر كبير ومخلص للمعلومات حول المهنة». ويشير د. الحرجان إلى أن «كثيراً من الآباء يورثون المهنة لأولادهم بالإجبار، والإكراه، فيفشلون ويعانون الإحباط، وتحدث المشاكل، ومنهم من يقدمون لأبنائهم خلاصة تجاربهم لمساندتهم ومساعدتهم على النجاح في حياتهم». ويقول: «تأتي أنانية الأب في توريث المهنة كي يظل اسمه مستمراً طوال العمر، فيضغط على ابنه بدخول المجال لرفع لواء المهنة». ويلفت إلى أن «الانبهار بنجاح الوالدين، يكشف المهنة التي يحبها الأبناء، كما أن ما يعكسه الأب عن صورة هذه المهنة، سواء أكان سلباً أم إيجاباً، يسهم في بلورة نظرة الابن تجاهها، فهو سيحب المهنة أو يكرهها على ضوء ما يسمعه من تقدير لها أو رفض». من ناحية أخرى، بين الدكتور الحرجان أن «دراسات نفسية عدة أكدت أن الارتباط العاطفي بالأم، أو الأب، يدفع الأبناء إلى حب مهنهما والتحلي بسلوكهما وممارستهما للحياة». وحول المنافسة بين الآباء والأبناء يؤكد الحرجان أن «المهنة تتطور مع تغير الزمن، وتحتاج إلى إبداع وفكر، وإلى نوع من المجازفة، إلا أن الجيل القديم هو عبارة عن شخصيات كلاسيكية محافظة، لها قيم وسلوكيات مهنية محددة، ومن الصعب عليها أن تتقبل النهج الجديد، أو التغيير في نمط المهنة. وبالتالي ينشأ صراع، وخلاف بين الجيلين، يتخلله شد وجذب واختلاف في وجهات النظر. في حين أثبتت الدراسات أن المهن التي تنتقل من الأب إلى الابن تكون ناجحة بكل المقاييس، لأن الجيل الجديد يمتلك الكفاءة، والقدرة على إدارة تطوير المهنة نحو الأفضل».
==============================
مواضيع مماثلة
» الأبناء وغضب الآباء
» اتكيت التربية.. من الآباء للأبناء
» إتيكيت التربية من الآباء للأبناء
» أيها الآباء اسعدوا أبناءکم
» انسجام الآباء يقوم سلوك الأبناء
» اتكيت التربية.. من الآباء للأبناء
» إتيكيت التربية من الآباء للأبناء
» أيها الآباء اسعدوا أبناءکم
» انسجام الآباء يقوم سلوك الأبناء
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى