بعد الثورة. مصر إلى أين؟
صفحة 1 من اصل 1
بعد الثورة. مصر إلى أين؟
كثيراً ما تساءلت وأنا أرى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية أكثر فأكثر في مصر خلال السنوات الأخيرة... لماذا لا يثور المصريون على أوضاعهم المعيشية المتدهورة؟
كانت جميع جوانب الحياة اليومية لهذا الشعب الطيب في هذا البلد العظيم تتراجع إلى الوراء.
حتى سلوك الناس اليومي أصبح فوضوياً قائماً على (البقشيش) في تسيير أي عمل يريد المرء أن يقوم به.
وكان المئات من أفراد الشعب قد ماتوا في عبارات قديمة لا تصلح للاستخدام غرقت في النيل، وهم يستخدمون القطارات والباصات لأسباب كلها تصب في إهمال المسئولين عن المواصلات.
وامتد الفساد إلى مبيدات الحشرات المسرطنة، واختلاط مياه الشرب مع مياه الصرف الصحي...
أما عن الفوضى في المرور فهي شائعة، حتى أن من يتعرض للاصطدام كان لا يذهب إلى إدارة المرور لأنهم على حد قول السائق الذي كان يعمل معي لن يحصلوا على حقهم، أفضل لهم أن يزعجوا الناس بالتزمير لكي لا يصطدم بهم أحد.
لقد تمادى النظام الذي كان حاكماً في مصر في فساده، وأصبح المجتمع ينقسم إلى أثرياء ثراءً فاحشاً وسريعاً لا يدل على نشاط اقتصادي نظيف، وإنما يدل على تزاوج السلطة مع المال وهذا أسوأ أنواع الفساد الاقتصادي.
أما بقية الشعب فقد تدهورت معيشته، وأصبح أصحاب الكفاءات من أفراد الشعب مضطهدون ولا يعمل أغلبهم لأنهم لا يملكون الواسطة للعمل في المشاريع الاقتصادية المختلفة، إذ لا ظهر لهم يسندهم للحصول على الوظيفة التي كان يستولي عليها الذين لا يملكون الكفاءة ولديهم الواسطة.
كما أن أصحاب الشهادات المتخصصة الطبية والعلمية والفكرية، أصبحوا من الطبقة المتوسطة والأقل من المتوسطة... ويحصلون على رواتب لا تمكنهم من مواجهة غلاء المعيشة الفاحش الذي أخذ الشعب المصري يعاني منه وحول الطبقة المتوسطة إلى طبقة فقيرة.
وأصبح على الموظف في كل مجال أن يعمل في وظيفتين مع كل ما يصاحبهما من عذاب ازدحام المواصلات في مصر لكي يتمكن من توفير متطلبات أسرته.
كما إنني لم أجد نظاماً حكومياً يفرغ الشارع يومياً لكي يمر منه وزير الداخلية ذهاباً إلى عمله وعودةً منه، ألا يكفي هذا الازدحام الشديد في مدينة عدد سكانها 20 مليون لكي يتوقف الناس حتى يمر وزير.
وعندما عدت في المرة السابقة من مصر التي أحببتها عندما اخترتها لدراسة الصحافة في جامعة القاهرة، وأقمت بيتاً بها لأتردد عليها، كنت غاضبة من كل جوانب التدهور في حياة المصريين الذين اعتقلهم نظامهم فأصبحوا محبوسين فيه ولا يستطيعون تغييره بسبب القسوة والظلم الذي يتعرض له أي معارض يخاف منه النظام في ظل قانون الطوارئ الظالم الذي فرض عليهم منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وكتبت مقالي الذي نشرته «أين القاهرة التي كنت أعرفها؟».
إلا إنني اليوم فخورة بهذا الشعب العظيم الذي صبر كثيراً ودفعه شبابه ليثور من أجل كرامته، فاتحد الجميع من أجل ثورة التغيير، ومازالوا صابرين رغم الفقر وحاجة الموظفين في القطاع الخاص إلى رواتبهم للإنفاق على أسرهم، لكنهم مصرون ومتحدون بطريقة غير مسبوقة وتدل على ولادة عهد جديد من الديمقراطية والتحضر في جوانب حياتهم اليومية التي أهم ما سوف يدعمها احترام القانون وتطبيقه على جميع أفراد الشعب.
أرى منذ الآن مصر مشرقة بشعبها العريق الذي سبق الدول العربية كلها علماً وفكراً وتعليماً حتى أننا لا ننسى أن أوائل المدرسين في الخليج من المصريين واللبنانيين، وهل ننسى الأفلام المصرية التي كانت تعبر عن حضارتهم وتقدمهم عندما كان الخليج العربي في بداية طريقه إلى الحضارة الحديثة؟
إن ما حدث في مصر أمر إعجازي أن يثور الشباب ويطالبون بتغيير النظام وينجحون في ذلك بعد أن فرضوا على النظام - قبل إعلان رئيسه حسني مبارك تنحيه أمس الأول الجمعة (11 فبراير/ شباط 2011) - تعيين نائب لرئيس الجمهورية وهو المنصب الذي تجاهله الرئيس السابق مبارك طوال فترة حكمه الذي استمر ثلاثون عاماً. كما فرضوا تغيير الدستور الذي كان يهدد الحكم الجمهوري في مصر، وأن ينفذ الرئيس مبارك كل طلباتهم واحدة تلو الأخرى وآخرها تنحيه عن السلطة.
أمَا كان من الأفضل له لو أنه استجاب لهذه المطالب الشعبية من قبل، لكن ذلك لم يفده لأن الوقت كان قد فات، وخصوصاً بعد أن انكشف الغطاء عن فساد معظم المسئولين ووردت أنباء عن ثروة الرئيس وعائلته الضخمة التي قدرتها صحيفة «الغارديان» البريطانية بأنها ما بين 40 و70 مليار. فمن أين حصل على هذه الأموال الطائلة إذا لم يكن من زواج السلطة بالمال، البوابة التي يدخل منها الفساد في الدولة فيصبح المسئولون أثرياء بين ليلة وضحاها، وينسون مشاكل الشعب وهمومه لأنهم يعيشون في برج ثرائهم غير المشروع يتمتعون بمظاهر الرفاهية ومعظم الشعب يعاني الفقر والجوع والظلم وغياب القانون الذي ينظم المجتمع ويتقدم به.
لذلك فقد كان أوان التغيير قد حان، ليتمتع الشعب المصري بخيرات بلاده الغنية، المتعددة، وتصبح مصر أم العرب قوية متقدمة بمؤسساتها القائمة على دولة المؤسسات والقانون العادل والعلم.
إن ما يحتاج إليه المصريون الآن وفي المستقبل هو اجتماع أصحاب الكفاءات التي تمتلئ مصر بهم وبعضهم عباقرة وصلوا إلى العالم بعلومهم واختراعاتهم بعد أن يئسوا من واقعهم الروتيني البيروقراطي في بلدهم لمدة ثلاثين عاماً وأكثر فهاجروا إلى الدول المتقدمة الحضارية ليتفوقوا على غيرهم بمواهبهم الخلاقة.
اليوم بلادهم بحاجة إليهم ليبنوا مصر المستقبل. ليساعدوا على بناء حضارة بلادهم التي انتظرت طويلاً إلى أن جاء شبابها لإنقاذها من الرجوع إلى الوراء وأخذ خطواتها إلى طريق الرقي والحضارة بإذن الله
كانت جميع جوانب الحياة اليومية لهذا الشعب الطيب في هذا البلد العظيم تتراجع إلى الوراء.
حتى سلوك الناس اليومي أصبح فوضوياً قائماً على (البقشيش) في تسيير أي عمل يريد المرء أن يقوم به.
وكان المئات من أفراد الشعب قد ماتوا في عبارات قديمة لا تصلح للاستخدام غرقت في النيل، وهم يستخدمون القطارات والباصات لأسباب كلها تصب في إهمال المسئولين عن المواصلات.
وامتد الفساد إلى مبيدات الحشرات المسرطنة، واختلاط مياه الشرب مع مياه الصرف الصحي...
أما عن الفوضى في المرور فهي شائعة، حتى أن من يتعرض للاصطدام كان لا يذهب إلى إدارة المرور لأنهم على حد قول السائق الذي كان يعمل معي لن يحصلوا على حقهم، أفضل لهم أن يزعجوا الناس بالتزمير لكي لا يصطدم بهم أحد.
لقد تمادى النظام الذي كان حاكماً في مصر في فساده، وأصبح المجتمع ينقسم إلى أثرياء ثراءً فاحشاً وسريعاً لا يدل على نشاط اقتصادي نظيف، وإنما يدل على تزاوج السلطة مع المال وهذا أسوأ أنواع الفساد الاقتصادي.
أما بقية الشعب فقد تدهورت معيشته، وأصبح أصحاب الكفاءات من أفراد الشعب مضطهدون ولا يعمل أغلبهم لأنهم لا يملكون الواسطة للعمل في المشاريع الاقتصادية المختلفة، إذ لا ظهر لهم يسندهم للحصول على الوظيفة التي كان يستولي عليها الذين لا يملكون الكفاءة ولديهم الواسطة.
كما أن أصحاب الشهادات المتخصصة الطبية والعلمية والفكرية، أصبحوا من الطبقة المتوسطة والأقل من المتوسطة... ويحصلون على رواتب لا تمكنهم من مواجهة غلاء المعيشة الفاحش الذي أخذ الشعب المصري يعاني منه وحول الطبقة المتوسطة إلى طبقة فقيرة.
وأصبح على الموظف في كل مجال أن يعمل في وظيفتين مع كل ما يصاحبهما من عذاب ازدحام المواصلات في مصر لكي يتمكن من توفير متطلبات أسرته.
كما إنني لم أجد نظاماً حكومياً يفرغ الشارع يومياً لكي يمر منه وزير الداخلية ذهاباً إلى عمله وعودةً منه، ألا يكفي هذا الازدحام الشديد في مدينة عدد سكانها 20 مليون لكي يتوقف الناس حتى يمر وزير.
وعندما عدت في المرة السابقة من مصر التي أحببتها عندما اخترتها لدراسة الصحافة في جامعة القاهرة، وأقمت بيتاً بها لأتردد عليها، كنت غاضبة من كل جوانب التدهور في حياة المصريين الذين اعتقلهم نظامهم فأصبحوا محبوسين فيه ولا يستطيعون تغييره بسبب القسوة والظلم الذي يتعرض له أي معارض يخاف منه النظام في ظل قانون الطوارئ الظالم الذي فرض عليهم منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وكتبت مقالي الذي نشرته «أين القاهرة التي كنت أعرفها؟».
إلا إنني اليوم فخورة بهذا الشعب العظيم الذي صبر كثيراً ودفعه شبابه ليثور من أجل كرامته، فاتحد الجميع من أجل ثورة التغيير، ومازالوا صابرين رغم الفقر وحاجة الموظفين في القطاع الخاص إلى رواتبهم للإنفاق على أسرهم، لكنهم مصرون ومتحدون بطريقة غير مسبوقة وتدل على ولادة عهد جديد من الديمقراطية والتحضر في جوانب حياتهم اليومية التي أهم ما سوف يدعمها احترام القانون وتطبيقه على جميع أفراد الشعب.
أرى منذ الآن مصر مشرقة بشعبها العريق الذي سبق الدول العربية كلها علماً وفكراً وتعليماً حتى أننا لا ننسى أن أوائل المدرسين في الخليج من المصريين واللبنانيين، وهل ننسى الأفلام المصرية التي كانت تعبر عن حضارتهم وتقدمهم عندما كان الخليج العربي في بداية طريقه إلى الحضارة الحديثة؟
إن ما حدث في مصر أمر إعجازي أن يثور الشباب ويطالبون بتغيير النظام وينجحون في ذلك بعد أن فرضوا على النظام - قبل إعلان رئيسه حسني مبارك تنحيه أمس الأول الجمعة (11 فبراير/ شباط 2011) - تعيين نائب لرئيس الجمهورية وهو المنصب الذي تجاهله الرئيس السابق مبارك طوال فترة حكمه الذي استمر ثلاثون عاماً. كما فرضوا تغيير الدستور الذي كان يهدد الحكم الجمهوري في مصر، وأن ينفذ الرئيس مبارك كل طلباتهم واحدة تلو الأخرى وآخرها تنحيه عن السلطة.
أمَا كان من الأفضل له لو أنه استجاب لهذه المطالب الشعبية من قبل، لكن ذلك لم يفده لأن الوقت كان قد فات، وخصوصاً بعد أن انكشف الغطاء عن فساد معظم المسئولين ووردت أنباء عن ثروة الرئيس وعائلته الضخمة التي قدرتها صحيفة «الغارديان» البريطانية بأنها ما بين 40 و70 مليار. فمن أين حصل على هذه الأموال الطائلة إذا لم يكن من زواج السلطة بالمال، البوابة التي يدخل منها الفساد في الدولة فيصبح المسئولون أثرياء بين ليلة وضحاها، وينسون مشاكل الشعب وهمومه لأنهم يعيشون في برج ثرائهم غير المشروع يتمتعون بمظاهر الرفاهية ومعظم الشعب يعاني الفقر والجوع والظلم وغياب القانون الذي ينظم المجتمع ويتقدم به.
لذلك فقد كان أوان التغيير قد حان، ليتمتع الشعب المصري بخيرات بلاده الغنية، المتعددة، وتصبح مصر أم العرب قوية متقدمة بمؤسساتها القائمة على دولة المؤسسات والقانون العادل والعلم.
إن ما يحتاج إليه المصريون الآن وفي المستقبل هو اجتماع أصحاب الكفاءات التي تمتلئ مصر بهم وبعضهم عباقرة وصلوا إلى العالم بعلومهم واختراعاتهم بعد أن يئسوا من واقعهم الروتيني البيروقراطي في بلدهم لمدة ثلاثين عاماً وأكثر فهاجروا إلى الدول المتقدمة الحضارية ليتفوقوا على غيرهم بمواهبهم الخلاقة.
اليوم بلادهم بحاجة إليهم ليبنوا مصر المستقبل. ليساعدوا على بناء حضارة بلادهم التي انتظرت طويلاً إلى أن جاء شبابها لإنقاذها من الرجوع إلى الوراء وأخذ خطواتها إلى طريق الرقي والحضارة بإذن الله
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى