من خصائص كلام العرب
صفحة 1 من اصل 1
من خصائص كلام العرب
من خصائص كلام العرب
للعرب كلام بألفاظ تختص به مَعانٍ لا يجوز نقلها إلى غيـرها، يكون في الخيـر والشرّ ، والـحُـسْن والقبح وغيـره , وفي الليل والنهار , وغيـر ذلك .
من ذلك قولـهم : (( مَكانَكَ )) قال أهل العلم : هي كلمة وُضِعتْ على الوعيد ، قال الله جل ثناؤه : {مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ} (1) كأنّـه قيل لـهم: انتظِروا مكانَكم حتى يُفْصَل بينكم .
ومن ذلك قول النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم : (( مَا يـحْـملُـكم عَلَى أَن تَـتَـايـعُـوا فِي الْكَذِبُ كَمَا يَـتَـتَـايَعُ الْفَرَاشُ فِي النَّارِ )) (2) .
قال أبو عبيدة (3) : (( هو التهافت ، ولم نسمعه إلا في الشرّ )) .
ومن ذلك (( أولى له )) وقد فسّرناه (4) .
ومن ذلك : (( ظَلَّ فلان يفعل كذا )) إذا فعله نـهارًا ، و(( بات يفعل كذا )) إذا فعله ليلاً.
ومن ذلك ما أخبرنـي به أبو الحسن عليّ بن إبراهيم قال: سمعت أبا العباس الـمبـرّد يقول: (( التَّأويب )) سيـرُ النهار لا تعريج فيه ، و (( الإسآد )) سيـرُ الليل لا تعريس فيه (5) .
ومن الباب (( جُعِلوا أحاديث )) (6) أي : مُـثِّـلَ بـهم ، ولا يقال في الخيـر ، ومنه: {لَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} (7) .
ومن الخصائص في الأفعال قولهم: (( ظننتُني ، وحسِبتُني ، وخِلْـتُـني )) لا يقال (ذلك) إلا فيما فيه أدنـى شك ، ولا يقال : (( ضَرَبـتُـني )) .
ولا يكون (( الـتَّـأْبِـين )) إلا مدحَ الرجل ميتًا ، ويقال : (( غضبتُ به )) إذا كان ميتًا ( ، و(( الـمُسَاعَاة )) الزِّنا بالإماء خاصة .
و(( الراكب )) راكب البعيـر خاصة ، و (( ألَـحَّ الجمل )) (9) و (( خَلَأت الناقة )) (10) و (( حرَنَ الفرس )) و (( نَفَشَت الغنم )) ليلا (11) ، و (( هَمَلتْ )) نـهارًا.
قال الخليل : (( الـيَـعْـمَـلَـةُ )) من الإبل اسم اشتق من (( العَمَل )) (12) ولا يقال إلا للإناث .
قال : و (( النعتُ )) وصف الشيء بما فيه من حُسْن إلاّ أن يتكلّف متكلف فيقول : (( هذا نعتُ سوءٍ )) فأما العرب العاربة فإنـها تقول : للشيء المستكمل (( نعت )) يريدون به التـتـمة.
قال أبو حاتم : (( ليلةٌ ذات أزِيز )) أي قُرّ شديد ، ولا يقال يومٌ ذو أزِيز .
قال ابنُ دُرَيْد : (( أشَّ القوم وتأششوا )) إذا قام بعضهم إلى بعض للشر لا للخيـر .
ومن ذلك : (( جَزَزْتُ الشاةُ )) (13) و (( حلقت العَنـزَ )) لا يكون الحَلق في الضَّأن ولا الجّزّ في المِعزَى (14) .
و (( خَـفِـضَـتِ الجارية )) ولا يقال في الغلام (15) .
و (( حقب البعيـر )) إذا لم يَستقم بولُه لقصد ، ولا يَحْقب إلا الجمل (16) .
قال أبو زيد : (( أبْلَمَتِ الـبَـكْرة )) إذا وَرِمَ حياؤُها ، لا يكون إلا للبَكرة (17) .
و (( عدنت الإبل في الـحَـمْضُ )) (18) لا تَـعْـدُن إلا فيه .
ويقال : (( غَطَّ البعيـرُ )) هَدَرَ ولا يقال في الناقة .
ويقال : (( ما أطيبَ قداوةَ هذا الطعام )) أي : ريحَهُ (19) ، ولا يقال ذلك إلا في الطبـيخِ والشِّواء .
و (( لَـقَـعَـهُ بِـبَـعَـرَة )) ولا يقال بغيـرها (20) .
و (( فعلت ذاك قبل عَيْرٍ وما جَرَى )) (21) لا يتُكلَّم به إلا في الواجب ، لا يقال : سأفعله قبلَ عـيـر وما جرى .
ومن الباب ما لا يقال إلا في النفي كقولـهم : (( ما بـها أرِمٌ )) أي ما بـها أحد .
وهذا كثير فيه أبواب قد صنّفها العلماء .
ــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة يونس (28) وانظر (( البحر المحيط )) (5/151-152) .
(2) أخرجه أحمد في مسنده برقم (27570) ط : الرسالة ، عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها ، ومدار إسناده على شهر بن حوشب ، وهو ضعيف ، واختلف عليه فيه .
انظر الكلام عليه في هذه الطبعة (45/550-552) وقوله : (( تتايعوا )) التتايع كما قال ابن الأثيـر في النهاية : الوقوع في الشر من غيـر فكرة ولا روية ، والمتابعة عليه ، ولا يكون في الخيـر .
(3) في غريب الحديث (1/13) وانظر الفائق (1/140) واللسان (9/387) ومقايس اللغة (1/360) .
(4) فسر بقولهم : داناه الهلاك فليحذر .
انظر الصاحبيّ : ص (285-286) .
(5) فقه اللغة وسر العربية (382) .
(6) قال تعالى في سورة سبأ (19) : ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ) .
(7) سورة البقرة (193) .
( فإذا كان حيًا قلت : غضبت عليه وله ، كما في اللسان (2/140-غضب ) .
(9) في اللسان (1/62) (( ألَـحَّ الجمل : حرن )) والحرون : التوقف من شدة التعب .
(10) وفيه : (خلأت : حرنت ، وفي الحديث أن ناقة النبيّ صلى الله عليه وسلم خلأت به يوم الحديـبـية ، فقالوا : خلأت القصواء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما خلأت ، وما هو لها بخلُق ، ولكن حبسها حابس الفيل )) وهو حديث متفق عليه .
(78) سورة الأنبياء
(11) ومن ذلك قوله تعالى في سورة الأنبياء (78) : { وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ } .
(12) اللسان (13/504- عمل ) .
(13) في جمهرة اللغة (1/18- جزز ) .
(14) اللسان (7/185) .
(15) اللسان (9/5- خفض ) : (( خفض الجارية يخفضها خفضاً ، وهو كالختان للغلام ... )) .
(16) في اللسان (8/314- حقب ) ولا يقال ذلك في الناقة .
(17) اللسان (14/320 - بلم ).
(18) أي أقامت في الحمض ، كما في اللسان (17/151-عدن ) والحمض : كل نبات لا يهيج إلا في الربيع ، ويبقى على القيظ ، وفيه ملوحة إذا أكلته الإبل شربت عليه ، وإذا لم تجده رقت وضعفت ، كما في اللسان (8/408- حمض) .
(19) اللسان (2/31 - قدو ) .
(20) قال ابن دريد في الجمهرة (3/131) : (( واللقع : حذفك الإنسان بحصاة أو بعرة )) .
(21) هو مثل يضرب للسرعة .
انظر (( مجمع الأمثال )) للميدانـيّ (2/96) .
مواضيع مماثلة
» في نبذة من كلام الأذكياء
» فوائد فى خصائص جسم الإنسان
» خصائص الحضارة الإسلامية
» خصائص الأدب الإسلامي
» خصائص الجبنة النابلسية
» فوائد فى خصائص جسم الإنسان
» خصائص الحضارة الإسلامية
» خصائص الأدب الإسلامي
» خصائص الجبنة النابلسية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى