رشوة القاضي ومقتضيات المصلحة العامة
صفحة 1 من اصل 1
رشوة القاضي ومقتضيات المصلحة العامة
القضاة وحدهم وإنما أصبحت على رأس أولويات دعوات الإصلاح السياسي لكل القوى السياسية بمختلف اتجاهاتها الفكرية وبالرغم من أن هذه القضية قد اكتسبت شهرة إعلامية خاصة مع تحركات القضاة التي تشهدها مصر هذه الأيام، فإن قليلين هم الذين يعرفون تفصيلات ما يعانيه القضاء، لذا كانت أهمية هذا الخطاب الذي كتبه شيخ قضاة مصر والرئيس الشرفي لنادي القضاة المستشار يحيى الرفاعي والذي وصفه بعض كبار الكتاب بأنه "أخطر شهادة بحق سير العدالة في مصر"، وفيما يلي نص الخطاب: إن حكومات جمهورياتنا المتعاقبة، وإن وضعت في دساتيرها نصوصا أساسية بمبادئ سيادة القانون واستقلال القضاء وحصانته، وتحظر وتؤثم التدخل في أية قضية أو أي شأن من شؤونهم من جانب أية سلطة أو أي شخص، فإن هذه الحكومات ذاتها لم تتوقف طوال هذه السنين عن النص في القوانين المنظمة للسلطة القضائية وغيرها على ما يُجرد تلك النصوص من مضمونها تماما، بل ويخالفها بنصوص صريحة تصادر بها لحساب السلطة التنفيذية معظم أصول هذا الاستقلال وقواعده وضماناته، كما تسند بها بعض اختصاصات القضاء الطبيعي إلى غيره، وتصدر قرارات وتصرفات واقعية أخرى من خلال وزارة العدل، وهي أحد فروع السلطة التنفيذية، تسيطر بها على إرادة رجال السلطة القضائية وشؤونهم بل وأحكامهم القضائية. فقد نصت المادة (64) من الدستور على أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة. كما نصت المادة (65) منه على أن تخضع الدولة للقانون، واستقلال القضاء وحضانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات، ونصت المادة (166) كذلك على أن القضاة مستقلون ولا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا أو في شؤون العدالة. وقد أبرزت هذه النصوص حقيقة استقلال القضاء والقضاة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، فحرمت عليهما التدخل في القضايا أو في شؤون العدالة وحالت بذلك بينهما وبين القضاء حتى تكون له قيمته وجدواه، وإلا فما قيمة نصوص الدستور وما قيمة نصوص القوانين وما قيمة الحقوق والحريات إذا لم يقم على تطبيق هذه النصوص قضاة مستقلون ومحامون أحرار، وتسهر على حماية هذه الحرية وذلك الاستقلال نقابة محامين واعية وناد -وبمعنى أصح نقابة عامة للقضاة- وذلك كله لحماية حقوق المواطنين وحرياتهم. ومن ثم فقد حرصت المذكرة الإيضاحية لقانون استقلال القضاء رقم 66 لسنة 1943 على التنويه بأن نصوص الدستور لم تنشئ حقيقة استقلال القضاء، فمن طبيعة القضاء أن يكون مستقلا والأصل فيه أن يكون كذلك، وكل مساس بهذا الأصل من شأنه أن يعبث بجلال القضاء، وكل تدخل في عمل القضاة من جانب أية سلطة من السلطتين يخل بميزان العدل ويقوض دعائم الحكم، فالعدل كما قيل قديما أساس الملك، ومن الحق أن يتساوى أمام قدس القضاء أصغر شخص في الدولة بأكبر حاكم فيها وأن ترعى الجميع عين العدالة. ولذلك أيضا، فقد نصت المادة الثامنة من ذلك القانون، المقابلة للمادة (68) من قانون السلطة القضائية القائم على أن تحدد مرتبات القضاة بجميع درجاتهم وفقا للجدول الملحق بهذا القانون، ولا يصح أن يقرر لأحد منهم مرتب بصفة شخصية ولا مرتب إضافي من أي نوع كان، أو يُعامل معاملة استثنائية بأية صورة. واستهدف هذا النص وغيره تقنين ماهو سائد في سائر القوانين المقارنة للدول الديمقراطية، من وضع نظام إداري ومالي خاص بالقضاة يحفظ استقلالهم ويحقق المساواة فيما بينهم، ويمكنهم من مقاومة الضغوط التي قد تمارس عليهم ويحول دون وقوعهم أسرى لمصالحهم الشخصية. ذلك أن تشريعات الدول الديمقراطية حقا وصدقا أرست أصول النظام المالي والإداري لاستقلال القضاء، كما رددت هذه الأصول نصوص المواثيق والاتفاقيات الدولية والإعلانات العالمية لحقوق الإنسان ولاستقلال القضاء. فقد نصت المادة العاشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر بتاريخ 10 ديسمبر/كانون الأول 1948 على أن "لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تُنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا للفصل في حقوقه والتزاماته وفي أية تهمة جزائية توجه إليه".كما أكد الإعلان العالمي لاستقلال القضاء الصادر بمونتريال سنة 1983 ضرورة أن "يضمن القانون كفاية مرتبات القضاة المناسبة لمسؤوليات مناصبهم وكرامتهم وإعادة تسوية
مواضيع مماثلة
» اجراءات الدعوى المدنيه امام القاضي الجنائي
» إتيكيت الأماكن العامة أو الشارع
» النيابة العامة شعبة من شعب السلطة القضائية
» إتيكيت استعمال دخول دورات المياه العامة
» بعض النصائح العامة لشراء وارتداء الملابس الداخلية:ا
» إتيكيت الأماكن العامة أو الشارع
» النيابة العامة شعبة من شعب السلطة القضائية
» إتيكيت استعمال دخول دورات المياه العامة
» بعض النصائح العامة لشراء وارتداء الملابس الداخلية:ا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى